315
بسم اهللا الرحمن الرحيم
ضوء سورة الحجرات التربية األخالقية في
التربوي األولبحث مقدم إلى مؤتمر
"التربية في فلسطين وتغيرات العصر"
بكلية التربية في الجامعة اإلسالميةالمنعقد
م24/11/2004-23في الفترة من
إعــداد عبد السالم حمدان اللوح. د
كلية أصول الدين– التفسير وعلوم القرآن أستاذ مشارك بقيم
بغزة-الجامعة اإلسالمية
2004 نوفمبر
التربية األخالقية في ضوء سورة الحجرات
:الملخص
316
هـذه الدراسـة قائمة على منهج التفسير الموضوعي لسورة قرآنية ، والسورة المختارة
من نزولها وأسبابه ، ومناسبتها لما هـي سورة الحجرات ، لنرى مكانة هذه السورة واسمها ، وز
التربية األخالقية لألمة "قـبلها وما بعدها ، ولنرى محورها الرئيس وموضوعها األساس ، وهو
".اإلسالمية
نـرى ذلـك مـن خالل مقاطع السورة بعناوينها وآياتها ، ومن خالل المعنى العام لكل
في كل مقطع بالواقع الذي تعيشه األمة مقطع ، وعالقة كل مقطع بمحور السورة ، وربط اآليات
اإلسـالمية ، لـنرى كيف تتربى األمة التربية األخالقية من خالل آيات سورة الحجرات ، تأتمر
. بأمرها ، وتنتهي بنهيها ، وفي الختام أهم النتائج التي تم التوصل إليها من خالل هذه الدراسة
Ethical Education in Sura Al-Hojerat
One of the Suras that can be interpreted in accordance with thematic interpretation of the Holy Qur’an is Sura Al-Hojerat. This study discusses the name of this Sura as well as the causes, time and context of revelation. The verses of this Sura deal with the theme of Ethical education to the Muslim nation. This theme is discussed in relation to the reality the Muslim nation is living. The results are presented at the end of the study.
317
:المقدمة الحمـد هللا أنـزل القـرآن لنتخلق بأخالقه ، وامتدح نبيه فيه بالخلق العظيم ، والصالة
وبعد ،،، والسالم على الداعي لحسن الخلق وعلى أله وصحبه ومن تخلق بخلقه إلى يوم الدين
ب فـإن سـورة الحجرات من السور المدنية التي كثر فيها خطاب المؤمنين ، فقد جاء فيها الخطا
يا أيها : " خمس مرات ، مقابل مرة واحدة جاء الخطاب فيها بقوله " يا أيها الذين آمنوا " بقوـله
ليبين وحدة األصل للناس جميعا مؤمنهم وكافرهم مهما اختلفت ألوانهم ولغاتهم ، كلهم من " الناس
أبيض وأسود إال بالتقوى التي جعلها أب واحد وأم واحدة ، ال فرق بين عربي وأعجمي ، أو بين
.اهللا الميزان الحقيقي للناس يوم القيامة
:أهمية الدراسة
قـد كـثر الحديث في سورة الحجرات عن أخالق المؤمنين سواء افتتحت اآليات بخطابهم أو لم
تفتـتح بذلـك ، فقـد كانت اآليات منصبة على تعاليم وإرشادات ونصائح ترتقي بالمؤمنين إلى
أم كان ذلك )(سـن األخـالق وكمال األدب ، سواء أكان ذلك في تعاملهم مع رسول اهللا محا
الـتعامل فـيما بيـنهم ، وسواء أكان ذلك في حال الوفاق أم كان في حال الشقاق ، وسواء أكان
المخاطـب هم المؤمنون حقيقة أم كانوا ممن يتظاهرون باإليمان قبل أن يبلغوا درجته ، ويخالط
قلوبهم ، مع إرشادهم إلى الطريق الموصل إلى اإليمان الحقيقي الذي يتصف أهله بصفات اإليمان
محـددة ، وفي كل األحوال والظروف فإن اهللا مطلع على حقيقة القلوب وما تضمره من إيمان أو
نفـاق ، والفضـل والمـنة له أوال وقبل كل شئ أن هدى الناس جميعا لهذا الدين القويم ، وهو
.جميع بما يستحقون وبما يعملون ، وال تخفى عليه خافيه في األرض وال في السماءمحاسب ال
وسنبحث عن الموضوع األساسي للسورة ومحورها الرئيس لنرى كيف تصب كل قضايا السورة
لـتخدم هـذا الهدف ، وكل جداولها ستصب في هذا النهر ، وكل شطئانها ستؤازر هذا األصل ، التقاليد واألعراف السيئة التي نشأت عليها الجاهلية من غلظة وفظاظة وإشاعة فالسـورة تعـالج العادات و
وصـراعات وسـخرية وسـوء ظن وتجسس وغيبة وتفاخر وتضاهر وتخاذل ومن وأذى ، كل ذلك كان
موجـودا في الجاهلية فنزلت سورة الحجرات لتقضي على أخالقيات الجاهلية وتحل محلها أخالقيات هذا
.يدالدين الجد
:المستفيد من الدراسة
يسـتفيد من هذه الدراسة العالم والمتعلم ، العامة والخاصة ، وذلك ألن الدراسة تغطي جانبا مهما
من جوانب التربية ، أال وهو الجانب األخالقي ، الذي ال غنى ألحد عنه ، فالجميع في حاجة إليه
.ر بشري محض، خاصة وأن الموضوع مرتبط بسورة قرآنية ، وليس بفك
318
:منهج الدراسة
سـنتعامل فـي هذا الموضوع ومع هذه السورة بمنهج التفسير الموضوعي لسورة قرآنية ، وذلك
ثم تقسيم السورة إلى مقاطع حسب قضايا ... بالحديث حول السورة نزوال وتسمية وأسباب نزول
ورة ومحورها من جهة السـورة مـع الربط بين هذه المقاطع من جهة ثم بينها وبين موضوع الس
.أخرى ، وهذا المنهج معروف في نظرية التفسير الموضوعي
:هدف الدراسة
هـو اسـتنباط الحقـائق والهدايات والعبر والعظات األخالقية القرآنية ، وربط ذلك بواقع حياتنا
قي المعاصـرة ، لـنرى دورها في التربية والبناء للجيل المؤمن ، باإلضافة الى ايجاد مثال تطبي
.للون من ألوان التفسير الموضوعي ، وذلك من خالل سورة قرآنية
:الجهود السابقة في موضوع الدراسة
ال شـك أن كتب التفسير التحليلي قد تناولت سورة الحجرات بال استثناء ، ولكن منهجية التفسير
حدود علمي التحليلي تختلف عن منهجية التفسير الموضوعي التي اعتمدتها في بحثي هذا ، وفي
لـم أطلـع علـى تفسـير موضـوعي لهذه السورة ، يعتمد في منهجه الجانب النظري للتفسير
.الموضوعي ، ليحقق هذا الجانب التطبيقي
.وتحقيقا لهدف البحث وغايته فقد جعلت الدراسة في مقدمة وتمهيد وخمسة مقاطع وخاتمة
. وفيها أهمية البحث وغايته وهيكليته:المقدمة
وفـيه تقديـم للسورة حول اسمها ، وزمن نزولها ، وأسباب نزولها ، :د التمهـي
وفضـلها ، ومناسـبتها لمـا قبلها وما بعدها ، ومناسبة نهايتها بأولها ، ومحورها
.الرئيس ، ثم تحديد لمفهوم التربية األخالقية
. األدب مع اهللا ورسوله:المقطع األول
.عة القيادةالتثبت من األخبار وطا: المقطع الثاني
. فض الخالف واإلصالح بين المؤمنين:المقطع الثالث
. جملة آداب وأخالق:المقطع الرابع
. حقيقة اإليمان باهللا تعالى:المقطع الخامس
. وفيها أهم النتائج والتوصيات:الخاتمة
319
:التمهيد :وهي ويشتمل على تسعة أمور
اسم السورة : أوال ... إن الذين ينادونك من وراء الحجرات : " ت ، لقوله تعالى فيها سميت سورة الحجرا
وسميت بها لدالله آيتها على سلب إنسانية من ال يعظم رسول اهللا غاية : " ، يقول القاسمي )1("
، وهذا فهم دقيق )2(" التعظـيم ، وال يحـترمه غايـة االحترام ، وهو من أعظم مقاصد القرآن
بهذه الغلظة )(إن من يعاملون رسول اهللا : تعلـيل شـفاف مـن القاسـمي ، وكأنه يقول و
والجفاء فقد تحجرت عقولهم وقلوبهم ، فهي كالحجرات المغلقة المحجورة على من فيها ، أو هي
د ذلك فهي ثم قست قلوبكم من بع : " كالحجـارة التي تبنى منها الحجرات ، مصداقا لقوله تعالى
.)3( ... " كالحجارة أو أشد قسوة
ومن كان هذا حاله فقد سلب إنسانيته ، ويصبح ذلك سمة عامة لكل من لم يتخلق بأخالق السورة
.كاملة ، وبهذا يظهر لنا وجه تسمية السورة بهذا االسم
زمن نزولها : ثانيا ، فهي مما نزل بعد الهجرة ، أما قوله )4( السورة اجمـع المفسـرون على مدنية هذه
فإنها نزلت )5( ... " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل : " تعـالى
فسها بعد بمكـة يـوم فتحها ، لكن حكمها مدني ، ألنها نزلت في سورة مدنية ، وقد نزلت اآلية ن
)6(.الهجرة ، فهي من اآليات التي نزلت بمكة وحكمها مدني
أسباب نزولها : ثالثا لقد ذكرت عدة روايات في سبب نزول السورة ، مزوعة على آياتها ، منها ما هو نص
صـريح فـي السببية ، ومنها ما هو محتمل للسببية وغيرها مما يدخل في معنى اآلية من وقائع
.وحوادث
حديـث عن هذه األسباب يطول هنا ، فاألولى أن يذكر كل سبب مع آيته في مقطعها ، ليسهم وال
.ذلك في وضوح معنى اآلية وتفسيرها
فضل السورة : رابعا هـذه الصـورة محكمـة ، ليس فيها ناسخ وال منسوخ ، آياتها ثمان عشرة ، وكلماتها
: " يقول القاسمي . )7 (أربع وسبعون حرفا ثالثمائة وثالث وأربعون ، وحروفها ألف وأربعمائة و
320
)(وقـد انفردت هذه السورة بآداب جليلة ، أدب اهللا بها عباده المؤمنين فيما يعاملون به نبيه .)8(" من التوقير والتبجيل
مناسبة السورة لما قبلها: خامسا ر مثلهم في التوراة في نهاية سورة الفتح امتدح اهللا نبيه والذين معه ، واثنى عليهم ، وذك
فناسب في سورة . )9( ... " محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار : " واإلنجـيل بقوله
في القول والفعل ، ليصبحوا من حزبه ، )(الحجـرات أن يفتتحها باشتراط األدب مع النبي
.)10( ، أو مع غيرهما )( سبحانه ، أو مع رسوله ويتخلقوا بمعالي األخالق ، سواء مع اهللا
:وقد ذكر المراغي ثالثة وجوه لهذه المناسبة مع السورة السابقة ، وذلك حيث يقول
.ذكر في هذه قتال البغاة ، وفي تلك قتال الكفار -1
.إن السابقة ختمت بوصف الذين آمنوا ، وافتتحت هذه بهم -2
.)11( خاصة في مطلعيهما)(ما للرسول إن كال منهما تضمن تشريفا وتكري -3
مناسبة السورة لما بعدها: سادسا
، " ق"لمـا خـتم تعالى سورة الحجرات بإحاطة العلم ، افتتح السورة التي بعدها بحرف
.)12(إشارة إلى أنه وحده المحيط علما وقدرة وفتحا لما أراد من المغلقات
، داب، ونهى عن أراذلها وحذر منها سن األخالق وعظيم اآل لما أمر اهللا في الحجرات بمحا : وأقول
ناسب أن يذكر في التي بعدها قدرته سبحانه على البعث بعد الممات ، وما بعده من حشر وحساب
وجـنة ونار ، فقد جمعت الترغيب والترهيب، الترغيب بالجنة والجزاء الحسن لمن تخلق بأخالق
.ذاب لمن تهاون في أوامر اهللا ، وتخلق بغير خلق القرآنسورة الحجرات ، والترهيب بالنار والع
مناسبة نهاية السورة بأولها: سابعا
خـتم اهللا السورة بعلمه لغيب السموات واألرض وإحاطته بكل عمل في السر أو العلن ،
ألن في ذلك أعظم زجر وترهيب لمن قدم بين يدي اهللا ورسوله ، ولو أن تقدمه في سره ، فإنه ال
ال تقدموا بين يديه ، فإن اهللا محيط العلم ، فهو يعلم : ديـد أبلـغ من إحاطة العلم ، فكأنه قيل ته
.)13(سركم وجهركم ، فقد رجع هذا اآلخر على األول ، والتف به التفاف األصل بالموصل
محور السورة: ثامنا رك أن مـن خـالل اسـتعراض آيات السورة ومقاطعها والقضايا التي تتحدث عنها ند
السورة تتحدث عن موضوع رئيس ، تدور حوله كل مقاطع السورة وآياتها ، وهذا الموضوع هو
321
هذا ما نلحظه من خالل األدب مع اهللا ورسوله ، والتثبت من " التربية األخالقية لألمة اإلسالمية "
خالق التي األخـبار وطاعة القيادة ، وفض الخالف واإلصالح بين المؤمنين ، وجملة اآلداب واأل
نصـت عليها آيات السورة ، وكذلك من خالل مواصفات اإليمان الصادق باهللا تعالى ، وتفويض
.أمر الغيب إليه سبحانه
ويظهـر واضحا من خالل هذه القضايا التي تطرحها السورة أنها ال تخرج عن محورها الرئيس
سالمية ، هذه التربية التي أراد اهللا الـذي تدور حوله السورة كلها ، إنه التربية األخالقية لألمة اإل
أن يتخلق بها المسلمون حيثما كانوا ، وفي أي زمان كانوا ، ألنهم بهذه التربية األخالقية يسودون
.العالم ، ويقودون األمم ، وبدونها تذهب هيبتهم ، وتزول كرامتهم وتنهار دولتهم
، ولما )14( " وإنك لعلى خلق عظيم " :ولذلـك فقـد امـتدح اهللا نبيه بعظيم الخلق ، قال تعالى
كان خلقه القرآن : " قالت )(سئلت أم المؤمنين عائشة رضى اهللا عنها عن خلق رسول اهللا
")15(.
، وتلقيب الناس ، )(كان في العرب جفاء وسوء أدب في خطاب النبي : " يقـول القرطبي
.)16(" اية اآلداب فالسورة في األمر بمكارم األخالق ، ورع
فسـورة الحجرات إذن هي سورة األخالق ، ومحورها يدور حول هذا الموضوع ، وسنرى من
خـالل اسـتعراض آيـات السـورة ومقاطعها مدى ارتباطها بهذا الموضوع الرئيس والمحور
.األساسي
مفهوم التربية األخالقية: تاسعا ، ويعنى بها التنشئة " التربية " األولى هي هـذه العـبارة مركـبة تركيـبا وصفيا من كلمتين ،
، ميـزت هذا اللون من التربية عن غيره من األلوان " األخالقية " والتوجـيه ، والثانـية هـي
".خلق " األخرى ، وخصته دون سواه ، ومفردها المجرد
ة ويسر من والخلق عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصبر عنها األفعال بسهول : يقـول الجرجاني
.غير حاجة الى فكر وورية
، وإن " خلقا حسنا " فـإن كانـت الهيـئة تصدر عنها األفعال الجميلة عقال وشرعا سميت الهيئة
.)17(" خلقا سيئا " كانت الصادر منها األفعال القبيحة سميت الهيئة
خاصة وأنا نبحث ذلك في لكـن المقـام هو مقام التربية ، وال شك أن المراد هنا الخلق الحسن ،
.ضوء سورة قرآنية
322
مجموعة اآلداب والقيم والمبادئ : " ولـذا فإنـي اجـتهد في تحديد مفهوم التربية األخالقية بأنها
السامية التي يعتقدها اإلنسان ، ويتربها عليها ، ويمارسها مع ذاته ومع اآلخرين حتى تصبح سمة
" .لصاحبها ، يتسامى بها إلى األعالي
لمقطع األولا "األدب مع اهللا ورسوله "
" ليمع ميعس الله إن اتقوا اللهوله وسري الله ودي نيوا بمنوا لا تقدآم ا الذينها أيي* ا الذينها أيي
ت النبيوق صفو اتكمووا أصفعنوا لا ترط آمبض أن تحعلب ضكمعر بهل كجبالقو وا لهرهلا تجو
ونرلا تشع أنتمو ـالكممأع* الله نتحام الذين لئكول الله أوسر عند ماتهوأص ونغضي الذين إن
* إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون *رة وأجر عظيم قلوبهم للتقوى لهم مغف
حيمر غفور اللهو ما لهرخي لكان همإلي جتى تخروا حربص مأنه لو18( "و(.
:سبب نزول اآليات عدة روايات في سبب نزوله ، سنذكر بعضها ، فقد روى الواحدي ورد في هذا المقطع
حدثني ابن أبي مليكه أن عبد اهللا بن الزبير أخبره أنه قدم ركب من : بسـنده عن ابن جريح قال
بل أمر : أمر القعقاع بن معبد ، وقال عمر : ، فقال أبو بكر )(بنـي تمـيم على رسول اهللا
ما أردت خالفك ، فتماريا : ما أردت إال خالفي ، وقال عمر : بو بكر األقرع بن حابس ، فقال أ
إلى – " لا تقدموا بين يدي الله ورسوله : " حـتى ارتفعت أصواتهما ، فنزل في ذلك قوله تعالى
.)19( " ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم" قوله
بعد هذه اآليات ، )( رى كيف تخلق أبو بكر وعمر في خطاب النبي ونـرى في روايات أخ
.)20(بعد هذه اآلية حتى يستفهمه) (فما كان عمر يسمع رسول اهللا : قال ابن الزبير
، تألى أبو بكر أن ال يكلم ... " لا ترفعوا أصواتكم : " لما نزل قوله تعالى : وقـال ابـن عباس
إن الذين يغضون : " ، إال كأخـي السـرار ، فأنزل اهللا تعالى في أبي بكر )(رسـول اهللا
.)21(" ... أصواتهم عند رسول
:المعنى العام لآليات
إنـه أدب أدب اهللا بـه المسـلمين في التعامل مع رسول اهللا صلى اهللا علي وسلم ، فال
اهللا وقول رسوله وفعله فيما سبيله أن يأخذوه عنه ، ومن قدم قوله يقدموا قوال ، وال فعال بين يدي
323
إنما يأمر عن أمر )( فقد قدمه على اهللا تعالى ، ألن الرسول )(أو فعلـه على الرسول
.)22( اهللا عز وجل
ومفعـول تقدمـوا محـذوف إلفادة التعميم بمعنى ال تقدموا رأيا وال قوال وال فعال بين يدي اهللا
.)23(له ، بل أمسكوا عن ذلك حتى تصدروا فيه عن أمر اهللا ورسولهورسو
وكذلـك تأدب المؤمنون مع ربهم ومع رسولهم ، فما عاد مقترح منهم يقترح على اهللا ورسوله ،
أن يدلي به ، وما عاد أحد منهم )(ومـا عاد واحد منهم يدلي برأي لم يطلب منه رسول اهللا
.)24(إال أن يرجع قبل ذلك إلى قول اهللا وقول الرسوليقضي برأيه في أمر أو حكم
لقـد تخلـق الصحابة بخلق القرآن ، وامتثلوا ذلك في واقع حياتهم ، فهذا ثابت بن قيس لما نزلت
أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت : قال ... " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي : " اآلية
.)25(هو من أهل الجنة: فقال )( من أهل النار ، فذكر ذلك لرسول اهللا النبي ، وأنا
من وراء حجراته المطلة )(وقـد وصف اهللا األعراب الجفاة من بني تميم الذين نادوا النبي
هذه الجفوة وهذا )(يا محمد أخرج لنا ، فكره النبي : علـى المسجد النبوي الشريف بقولهم
فقد وصفهم بأن أكثرهم ... " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات : " قوله اإلزعاج ، فأنزل اهللا
ال يعقلـون ، وكـره إليهم النداء على هذه الصفة المنافية لألدب والتوقير ، وحبب إليهم التوبة ،
.واإلنابة ، ورغبهم في المغفرة والرحمة
إلى كل أستاذ )(تجاوزوا به شخص رسول اهللا وقـد وعى المسلمون هذا األدب الرفيع ، و
.)26(وعالم ، ال يزعجونه حتى يخرج إليهم
بعد وفاته كحرمته في أيام حياته ، وبه تعلم أن ما جرت به العادة )(ومعلوم أن حرمة النبي
وهم في صخب ولغط ، وأصواتهم مرتفعة ارتفاعا )(الـيوم مـن اجتماع الناس قرب قبره
. ال يجوز ، وال يليق ، وإقرارهم عليه من المنكرمزعجا كله
لو : ، وقال )(وقـد شدد عمر رضي اهللا عنه النكير على رجلين رفعا أصواتها في مسجده
.)27(كنتما من أهل المدينة ألوجعتكما ضربا
)(هذه آيات أدب اهللا تعالى بها عباده المؤمنين ، فيما يعاملون به الرسول : يقـول ابن كثير يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا : " مـن التوقير واالحترام والتبجيل واإلعظام ، فقال تبارك وتعالى
324
، أي ال تسارعوا في األشياء بين يديه أي قبله ، بل كونوا تبعا له في ... " بين يدي الله ورسوله
.)28(جميع األمور
:لسورة عالقة المقطع بمحور اواضـح مـن هذه اآليات التي نصت صراحة وبشكل ال يحتمل التأويل على أخالقيات يجب أن
أم لم يعاصروه ، فاألمر بهذه األخالق )(يتخلق بها كل المؤمنين سواء عاصروا رسول اهللا
. إلى يومنا هذا ، ومستمر إلى يوم القيامة)(ممتد منذ نزول القرآن على قلب رسول اهللا
ـ )(ي أخالقيات في التعامل مع اهللا ورسوله ، وإنزال النبوة منزلتها التي يتميز بها النبي وهعـن بقـية البشـر، فهو أدب خاص ومتميز ، فال يسبق رأيه برأي ، وال فعله بفعل ، وال يرفع
صوت في مجلسه ، وال قرب قبره بعد موته ، وال في مجلس ورثته من العلماء الذين ورثوا منه
لدعـوة إلى اهللا عز وجل على منهاج النبوة ، وال ينادي عليه بجفاء وغلظة من وراء حجراته ، ا
إنه أدب مع اهللا الذي أرسله وكلفة بالتبليغ عنه ، وأدب مع رسوله المبعوث ليتمم مكارم األخالق
ئل السامية ، فكـان بذلـك رحمة للعالمين ، يبني بذلك مجتمعا قائما على األخالق الحميدة والفضا
.واألدب الجم
ورأينا كيف أصبحت هذه األخالقيات المستفادة من اآليات حقيقة واقعة ، تمثلها الصحابة رضوان
، فهي خطوة على الدرب من وحي سورة )(اهللا علـيهم فـي معاملـتهم مـع رسول اهللا
تربية ال" الحجـرات ، وتتـبعها خطـوات الحقـة مع كل مقطع من مقاطع هذه السورة لتتحقق
".األخالقية لألمة اإلسالمية
:ربط اآليات بالواقع مـا أحوجنا أن نتخلق بهذه األخالق ، ونتأدب بهذه اآلداب ، فال يقع أهل هذا الزمان أو
، أو استخفاف أو )(أي زمـان بما يخالف هذه األخالق ، كأن يقع استهزاء بسنة من سننه
والتعاليم النبوية لواقعنا المعاصر ، فإن ذلك يؤدي إلى اعـتقاد بعدم صالحية هذه السنن واآلداب
ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل : " الكفـر والـردة عن اإلسالم ، لقول اهللا تعالى
زؤونتهتس وله كنتمسراته وآيأبالله و* وا قدتذرال تع انكمإيم دعتم ب29( ... "كفر(.
في حياته وبعد وفاته بالتمسك بسنته من كل ما أمر ونهى ، أما )(فـاألدب مـع رسول اهللا
أولـئك الذيـن يقلـدون الغـرب فـي مظهرهم ومأكلهم ومشربهم وملبسهم ، وفي معامالتهم ،
325
طريقه الذي أمر اهللا نبيهم، ويتنكبون ، وتشريعاتهم فإنهم يسيئون األدب مع وأخالقياتهم، وقوانينهم
ه ، ويتـبعون سبال ما أنزل اهللا بها من سلطان، إنها سبل الشيطان يدعو إليها حزب بالسـير علـيه
، فيبعدهم بذلك عن سبيل اهللا وصراطه المستقيم ، ويصرفهم عن التخلق وأتباعه من اإلنس والجان
.ية في ضوء هذه اآليات من سورة الحجراتبأخالق هذا الدين ، وهكذا تكون التربية األخالق
المقطع الثاني
"التثبت من األخبار وطاعة القيادة " " لتما فعلى موا عبحالة فتصها بجموا قونوا أن تصيبيأ فتبفاسق بنب اءكمنوا إن جآم ا الذينهـا أيي
نادميـن* لماعو كمإلي ببح الله لكنو نتمر لعالأم نفي كثير م كمطيعي ول الله لوسر فيكم وا أن
وناشدالر مه لئكأو انيالعصوق والفسو الكفر كمإلي هكرو في قلوبكم نهيزو ـانالإيم* نلا مفض
كيمح ليمع اللهة ومنع30( " الله و(.
:مناسبة اآليات لما قبلها
في نفسه أو في أمته ، وكل من تجاوز )(لما ذكر سبحانه النهي عن أذى الرسول
ومع نهـي اهللا كـان فاسقا ، فناسب أن يبين أعظم األذى فيهم ، وهو ما يجلب لهم حربا وكربا ،
.)31( في أمته أمان لهم من العنت والمشقة في عاجل أمرهم وآجله)(ذلك فوجود رسول اهللا
:سبب نزول اآليات
32( إلى بني المصطلق مصدقا )(نزلت في الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، بعثه رسول اهللا "
(.
هللا تعالى ولرسوله ، فحدثه وكـان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية ، فلما سمع القوم تلقوه تعظيما
إن بني : وقال )(الشـيطان أنهـم يريدون قتله فهابهم ، فرجع من الطريق إلى رسول اهللا
وهم أن يغزوهم ، فبلغ )(المصـطلق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب رسول اهللا
تلقاه ونكرمه ، سمعنا برسولك ، فخرجنا ن : وقالوا )(القـوم رجوعـه ، فـاتوا رسول اهللا
ونـؤدي إلـيه مـا قبلنا من حق اهللا تعالى ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنما رده من
326
الطـريق كـتاب جاءه منك بغضب غضبته علينا ، وإنا نعوذ باهللا من غضبه وغضب رسوله ،
.)33( ... " أ فتبينوايا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنب: " فأنزل اهللا تعالى
:المعنى العام لآليات جاء هذا النداء الثالث يبين للمؤمنين كيف يتلقون األنباء ، وكيف يتصرفون بها ، ويقرر
ضرورة التثبت من مصدرها ، ويخص الفاسق بالذكر ألنه مظنة الكذب ، وهو موضع الشك حتى
يكون أفرادها موضع ثقتها ، وأن تكون أنباؤهم يثبـت خـبره ، واألصل في الجماعة المؤمنة أن
.)34(مصدقة مأخوذا بها
أي لئال تصيبوا قوما ، أو كراهة أن تصيبوا قوما بجهالة ، ... " أن تصيبوا قوما بجهالة : " قوله
كورين أي لظـنكم النبأ الذي جاء به الفاسق حقا ، فتصبحوا على ما فعلتم من إصابتكم القوم المذ
نادمين لظهور كذب الفاسق فيما أنبأ به عنهم ، ألنهم لو لم يتبينوا في نبأ الوليد عن بني المصطلق
.)35(، لعاملوهم معاملة المرتدين ، ولو فعلوا ذلك لندموا
روه أي اعلموا أن بين أظهركم رسول اهللا فعظموه ووق ... " واعلموا أن فيكم رسول الله : " قوله
وتأدبوا معه وانقادوا ألمره ، فإنه أعلم بمصالحكم وأشفق عليكم منكم ، ورأيه فيكم أتم من رأيكم
ألنفسكم ، ثم بين أنه لو أطاعكم في جميع ما تختارونه ألدى ذلك إلى عنتكم وحرجكم ، ولكن اهللا
ان ، وهذا حبـب اإليمـان إلى قلوبكم وحسنه في نفوسكم ، وبغض إليكم الكفر والفسوق والعصي
تـدرج لكمال النعمة ، فمن اتصف بهذه الصفات فهم الذين آتاهم اهللا رشدهم ، وهذا العطاء الذي
مـنحكم اهللا إيـاه هو فضل ونعمة من اهللا عليكم ، وهو عليم بمن يستحق الهداية ، ممن يستحق
.)36(الغواية ، حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره
:ة عالقة المقطع بمحور السورإن هـذا المقطع يمثل جزءا من أخالقيات المجتمع الفاضل الذي استقرت أركانه ، وما
عـاد للمرجفين والمشككين الذين يفترون الكذب مجال في قبول أخبارهم وإشاعاتهم ، إنه مجتمع
قـائم علـى القواعد األخالقية والمبادئ التي تضمن سالمته وأمنه ، وأي تفريط في هذه المبادئ
خالق سيعرض المجتمع المسلم إلى الصراعات والفتن ، مع تجاهل القيادة العامة لهذا المجتمع واأل
، وهـذا يـؤدي إلى الكفر والفسوق والعصيان ، فالراشدون هم الذين يهتدون بهذه األخالق إلى
ره فضـل اهللا ونعمه ، ألنه هو الهادي لما فيه مصلحة العباد والبالد ، والحكيم في أحكامه وأوام
".التربية األخالقية لألمة اإلسالمية " ونواهيه التي تمثل بمجموعها
327
وال شـك أن هـذه التربية األخالقية الفاضلة هي التي ال تنساق وراء كل دعاية وإشاعة وتقول ،
فكم من كالم يقال ، ويترتب عليه أفعال وتصرفات ، فإن بحث عن أصل الكالم ال تجد له حقيقة
ب واختالق ، ولذا فإن ما بني على الكذب فهو باطل يالم صاحبه ويذم ، وما بني ، وإنمـا هو كذ
على الحقيقة والصدق فهو حق ال يذم صاحبه ، بل هو محمود ممدوح بأخالقه وتصرفاته الحميدة
، وهذا أمر بديهي ال يتخلف عليه اثنان ، وبهذا تظهر العالقة بين التربية األخالقية وبين اإلرشاد
.لى التثبيت من مصدر األخبارإ
:ربط اآليات بالواقع إن كثـيرا مـن األحـداث المؤسـفة التي تقع في واقعنا المعاصر من قتل وسفك دماء
وصراعات وفتن إنما هي بسبب اإلشاعات واألكاذيب التي يروجها المنافقون والمندسون في هذه
لمزيد من اليقظة واالنتباه والحذر الشديد من األمة لهدم بنائها وتقويض أركانها ، فما أحوجنا إذن
أخـبار الفسـقة ، خاصة أننا نعيش زمانا ، اختلطت فيه الموازين والمقاييس ، فقد تنخدع بظاهر
إنسان فتأخذ بكالمه ، وتبني عليه أحكاما وأفعاال ، ثم يتبين لك الخلل الكبير الذي وقعت فيه بسبب
.الثعلب في روغانه ، العقرب في لدغاتهاهذا اإلنسان الوديع في ظاهرة ،
ومـا أحوجـنا كذلك إلى القيادة الحكيمة الراشدة التي تحرص على راحة األمة وسعادتها ، والتي
يؤلمهـا عنت األمة وشقاؤها بإتباع أخبار الفساق والمرجفين ، قيادة ربانية تدعو األمة إلى العزة
نا وسنة ، وتأخذ بيد األمة بعيدا عن الكفر والفسوق والكـرامة بالسـير على منهاج اهللا تعالى قرآ
والعصـيان ، مهـتدية بهدي اهللا الذي يعلم ما يصلح األمة ، ويرتقي بها وبأخالقها وقيمها ، إنها
.التربية األخالقية في ضوء هذه اآليات من سورة الحجرات
المقطع الثالث
"فض الخالف واإلصالح بين المؤمنين " فـتان مـن المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي وإن طائ "
حبي الله أقسطوا إنل ودا بالعمنهيوا بلحر الله فإن فاءت فأصإلى أم تى تفيءغـي حتب قسطينالم
*ونمحتر لكملع اتقوا اللهو كميأخو نيوا بلحة فأصإخو ؤمنونا الم37( " إنم(.
:مناسبة اآليات لما قبلها بعد أن حذر اهللا تعالى المؤمنين من نبأ الفاسق ، أبان هنا ما يترتب على خبره من الفتنة
، وربما االقتتال ، فأمر اهللا تعالى باإلصالح بالوسائل السلمية بين المتنازعين كالنصيحة والنزاع
328
والوعـظ واإلرشـاد والتحكـيم ، فـإن بغث إحدى الفئتين على األخرى فتقاتل الباغية ، ثم أمر
. )38(الوسطاء واألطراف المتنازعة بتقوى اهللا وطاعة أوامره
:سبب نزول اآليات قلت يا بني اهللا لو أتيت عبد اهللا بن أبي ، فانطلق : بسنده عن أنس قال روى الواحـدي
فركب حمارا ، وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرض سبخة ، فلما أتاه النبي )(إليه النبي
)( لحمار رسول : إليك عني ، فواهللا لقد آذاني نتن حمارك ، فقال رجل من األنصار : قال
مـنك ، فغضب لعبد اهللا رجل من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أطيـب ريحـا )(اهللا
وإن طائفتان من " أصحابه ، وكان بينهم ضرب بالجريد واأليدي والنعال ، فبلغنا أنه أنزلت فيهم
.)39(... " المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
:المعنى العام لآليات مين أن يسعوا بالصلح بينهم ، ويدعوهم إلى إذا تقاتل فريقان من المسلمين ، فعلى المسل
حكـم اهللا ، فـإن حصل بعد ذلك التعدي من إحدى الطائفتين على األخرى ، ولم تقبل الصلح وال
دخلت فيه ، كان على المسلمين أن يقاتلوا هذه الطائفة الباغية ، حتى ترجع إلى أمر اهللا وحكمه ،
أجابت الدعوة إلى كتاب اهللا وحكمه ، فعلى المسلمين فإن رجعت تلك الطائفة الباغية عن بغيها ، و
أن يعدلـوا بين الطائفتين في الحكم ويتحروا الصواب المطابق لحكم اهللا ، وأمر اهللا يقتضي العدل
.)40(في كل األمور ألنه تعالى يحب العادلين ، ومحبته لهم تستلزم مجازاتهم بأحسن الجزاء
في هذه اآلية تقرير لما أمر اهللا به من اإلصالح في اآلية وبيان ... " إخوة إنما المؤمنون : " قوله
للعلـة ، إذ لحمـة اإليمـان وقرابته أقوى من لحمة النسب وقرابته ، واألخوة بين المؤمنين في
اإلسـالم قويـة األواصر متينة الصلة ، والناس حينما يرون أخوين في النسب اقتتال أسرعوا في
واعلموا أن تقوى اهللا هي ... ع ، وبين اهللا هنا أن صلة اإليمان أقوى من صلة النسب فـض النزا
.)41(" العالج العام الذي يمنع النزاع ، ويفك الخصام ، وهي سبيل الرحمة وطريق النجاة
:عالقة المقطع بمحور السورة إن ترك ال يخلـو مجـتمع مـن خالف قد ينشب بين أخوين أو فرقتين لسبب أو آلخر ف
األمـر على ما هو عليه من خالف وصراع واقتتال فإن ذلك يؤدي قطعا إلى تمزق أواصر هذا
المجتمع ، ويضعف الرابطة بين أبناء األمة المسلمة الواحدة ، وقد تسوء األخالق ، ويكثر الكالم
لي ال يلتقي والقـيل والقال ، ويكثر الكذب والدعاية واإلشاعة ، ويتسع الخرق على الراقع ، وبالتا
329
أحد على أحد ، وال يتعاون أحد مع إحد ، ويصبح الجميع عدوا للجميع ، وتفقد الثقة بين الجميع ،
وإن مجتمعا هذا حاله ال يمكن أن تقوم له قائمة ، وسوف يسعى األعداء والمندسون إلى تغذية هذا
، فأين األخالق عندئذ ؟ وأين الصراع والخالف بين المؤمنين ، وسيشعلون نارا ال ينطفيء لهيبها
ذهبت األلباب ؟ وأين أصحاب الحكمة والرأي السديد ؟ وأين المصلحون ؟ وأين القوة التي تفرض
فـض النزاع واالحتكام إلى شرع اهللا ودينه ؟ وإنصاف المظلوم من ظالمه ؟ وإيقاف الظالم عند
يتجاوزه إلى افتراء وعدوان ، لذلك جاءت األوامر اإللهية السديدة لتعالج هذا الخلل حـده ؟ فـال
الطارئ ، وتضع منهجا قويما إلنهاء الفتنة وإخمادها قبل أن يستفحل أمرها ويزداد خطرها ، مع
تحري العدل والتقوى في الحكم بين المؤمنين ، فذلك أدعى إلى رحمه اهللا وعفوه ومغفرته وأقوم
امالته وتصرفاته وحركاته لمجـتمع فاضـل يقـوم علـى الخير والفضيلة والخلق الحسن في مع
.، لتتكامل بذلك أخالق المجتمع اإلسالمي ، وهكذا تكون التربية األخالقية لألمة اإلسالميةوسكناته
:ربط اآليات بالواقع ي الغالب إلى إن واقعـنا الـيوم مليء بالخالفات والصراعات والنزاعات التي تؤدي ف
االقتتال وسفك الدماء بدون خوف وال وجل ، إنها جرأة على اهللا في سفك دماء المسلمين ، وزهق
أرواحهـم بسبب أو بدون سبب ، إن دل ذلك فإنما يدل على ضعف في اإليمان والخلق الحسن ،
ى ، فجهلوا حيـث تأثـر الناس بعادات الغرب وتقاليدهم وأعرافهم ، مما أضعف صلتهم باهللا تعال
ديـنه ، وتجرأوا على أحكامه ، وسعوا إلى انتهاك حرماته ، وتحزبوا بذلك مع الشيطان ، وسعوا
في األرض بالفساد وإهالك الحرث والنسل ، واستبدلوا طاعة الشيطان بطاعة الرحمن ، وأصبح
حرفوا عن الـناس يأتمـرون بأمر سفهائهم فأضلوهم عن سبيل اهللا ، واشتروا الضاللة بالهدى فان
دين اهللا ، كل يوم نسمع أن اقتتاال وقع في مكان كذا ، بين أخوة أو جيران أو أقرباء بسبب أطفال
أو نساء أو هما معا ، فيقع فيها الكبار ، ويطمع األعداء في إشعال نار الفتنة ودعمها ، وقد يوفر
ا ، ويخرج كل لألطـراف المتـنازعة كل ما يحتاجون من سالح وغيره حتى يقتل بعضهم بعض
مـنهم عن دينه كافرا مرتدا ، وال يعالج ذلك الخطر الكبير ، إال أخالق إيمانية تتعالى بأصحابها
عـن سفاسف األمور وصغائرها إلى السمو والعلو والفضيلة وحسن الخلق ، ورجال يهرعون ،
اما وسالما ، حيـث يوجـد الخالف ليصرفوا أسبابه ويطفئوا ناره ، ويستبدلوا االقتتال محبة ووئ
.لترتقي األمة بذلك إلى التربية األخالقية في ضوء هذه اآليات من سورة الحجرات
330
المقطع الرابع
"جملة آداب وأخالق " " اء عن نساء ملا نسو منها مركونوا خيى أن يسم عن قوم قوم خرسنوا لا يآم ا الذينها أيى أن يس
تبي ن لممان والإيم دعوق بالفس ماالس وا بالألقاب بئسزلا تنابو كموا أنفسلا تلمزو ننها مرخي كني
ونالظالم مه لئكا *فأو نا موا كثيرتنبنوا اجآم ا الذينها أيوا يسسلا تجو إثم الظن ضعب إن لظن
ابتو الله إن اتقوا اللهو وهتمتا فكرهيأخيه م مأكل لحأن ي كمدأح حبا أيضعكم بضعغتب بلـا يو
حيمإنا خلقناكم *ر ا الناسها أيي عند كممأكر فوا إنارائل لتعقبا ووبشع لناكمعجأنثى ون ذكر وم
خبير ليمع الله إن 42( " الله أتقاكم(.
:مناسبة اآليات لما قبلها نهي لما نهى عن اإلسراع بما يوجب النزاع ، وختم بما ترجى به الرحمة ، فناسب أن ي
عن موجبات الشر والضغائن وهو أذى المؤمنين في حضورهم واالزدراء بحالهم ولمزهم والتنابز
.)43(معهم باأللقاب ، وضرورة اجتناب سوء الظن بهم وكذا التجسس عليهم والغيبة لهم
:أسباب نزول اآليات أنها " ، ذكر الواحدي ... " ن قوم يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم م : " قوـله تعـالى
(نزلت في ثابت بن قيس بن شماس ، وذلك انه كان في أذنه وقر ، فكان إذا أتى رسول اهللا أوسـعوا له حتى يجلس إلى جنبه ، فيسمع ما يقول ، فجاء يوما وقد أخذ الناس مجالسهم فجعل )
قد أصبت مجلسا فأجلس فجلس : تفسحوا تفسحوا ، فقال له رجل : يـتخطى رقاب الناس ويقول
ابن فالنه ؟ وذكر أما : أنا فالن ، فقال ثابت : من هذا ؟ فقال : ثابت مغضبا ، فغمز الرجل فقال
.)44(كانت له يعير بها في الجاهلية ، فنكس الرجل رأسه استحياء ، فأنزل اهللا تعالى هذه اآلية
نزلت في نساء : ، قال أنس ... " اء عسى أن يكن خيرا منهن ولا نساء من نس : " ... قوله تعالى
إن صفية بنت حيي بن : عـيرن أم سلمة بالقصر ، وقال عكرمة عن ابن عباس )(النبـي
إن النساء يعيرنني ويقلن يا يهودية بنت يهوديين ، فقال : فقالت )(أخطـب أتت رسول اهللا
إن أبي هارون وإن عمي موسى وإن زوجي محمد ، فأنزل اهللا : هـال قلت )(رسـول اهللا
.)45(تعالى هذه اآلية
331
كان الرجل : ذكر السيوطي عن ابن الضحاك قال ... " ولا تنابزوا بالألقاب : " ... قوـله تعالى
تنابزوا ولا " ... مـنا يكـون له االسـمان والثالثة فيدعي ببعضها ، فعسى أن يكرهه ، فنزلت
رجال منهم بلقبه )( كانت األلقاب في الجاهلية ، فدعا النبي : ، وعنه أيضا قال ... " بالألقاب
.)46( ... " ولا تنابزوا بالألقاب" ... يا رسول اهللا إنه يكرهه فأنزل اهللا : ، فقيل له
خرجه ابن المنذر عن ابن جريح ما أ "، ذكر السيوطي "..ولا يغتب بعضكم بعضا :"..قوـله تعالى .)47(زعموا أنها نزلت في سلمان الفارسي أكل ثم رقد فنفخ، فذكر رجل أكله ورقاده فنزلت : قال
مقاتل " ، ذكر الواحدي عن ... " يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى : " ... *قوـله تعالى
بالال حتى أذن على ظهر الكعبة ، فقال عتاب )( لما كان يوم فتح مكة أمر سول اهللا :قـال
الحمد هللا الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم ، وقال الحارث بن هشام : بن أسيد بن أبي العيص
ه إن يرد اهللا شيئا يغير : أما وجد محمد غير هذا الغراب األسود مؤذنا ؟ وقال سهيل بن عمرو :
إني ال أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء ، فأتى جبريل عليه السالم : ، وقـال أبو سفيان
وأخبره بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا ، فأنزل اهللا تعالى هذه اآلية ، )( النبـي
.)48(وزجرهم عن التفاخر باألنساب والتكاثر باألموال واالزدراء بالفقراء
:نى العام لآليات المع
يا أيها الذين صدقوا اهللا ورسوله ، ال يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنين عسى أن يكون المهزوء
مـنهم خـيرا من الهازئين ، وال يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات ، عسى المهزوء منهن أن
ية المنهي عنها أن يقال ، والصواب عند الطبري في المراد بالسخر )49(يكن خيرا من الهازئات
إن اهللا عـم بنهـيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السخرية ، فال يحل :
.)50(" لمؤمن أن يسخر من مؤمن ال لفقره ، وال لذنب ركبه ، وال لغير ذلك
أن عيب ) أحدهما ( فيه وجهان : ، قال الفخر الرازي .. " ولا تلمزوا أنفسكم .. : "قوـله تعـالى
هو أنه إذا عابه ، ) وثانيهما ( األخ عـائد إلـى األخ ، فإذا عاب عائب نفسا فكأنما عاب نفسه ،
وهـو ال يخلـو مـن عيب ، يحاربه المعيب فيكون هو بعيبه حامال للغير على عيبه ، وكأنه هو
.)51(العائب نفسه
أي ال يدع بعضكم بعضا باللقب، ألن لفظ اللقب في القديم كان ، "..ولا تنابزوا بالألقاب :".. قوـله
في الذم أشهر منه في المدح، والنبز في الذم خاصة، والمنهي عنه هو التلقيب بما يتداخل المدعو
بـه كـراهة لكونه تقصيرا به وذما ، ولذا اتفق العلماء على تحريم تلقيب اإلنسان بما يكره سواء
.)52( أو ألمه أو غيرها كان صفة له أو ألبيه
332
إنه كان في شتائمهم لمن : ، والمعنى ... " بئس االسم الفسوق بعد الإيمان : " ... قوـله تعـالى
أسـلم مـن اليهود قولهم يا يهودي يا فاسق ، فنهوا عنه ، وقيل لهم بئس الذكر أن تذكروا الرجل
.)53(لى هذا التفسير متعلقة بالنهي عن التنابز بالفسق واليهودية بعد إيمانه ، والجملة ع
... " تبي ن لممأي من نبزه أخاه بما نهى اهللا عن نبزه به من األلقاب ، أو لمزه إياه ، ... " و ،
، أي الذي ظلموا أنفسهم فاكسبوها العقاب بركوبهم ما " فأولئك هم الظالمون " أو سـخريته مـنه
.)54(نهوا عنه
، أي كونوا على جانب منه ، فإن ... " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن : " قوله تعالى
الظـان غير محقق ، والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها ، أن كل ما لم تعرف له
، بخالف من اشتهره الناس بتعاطي أمـارة صحيحة ، وسبب ظاهر كان حراما واجب االجتناب
الريـب والمجاهرة بالخبائث ، ولما كان من ثمرات سوء الظن التجسس ، ذكره سبحانه في النهي
بعد سوء الظن بمعنى ال يتبع بعضكم عورة بعض ، وال يبحث عن أسراره ، يبتغي بذلك الظهور
ر الغيب ما يكرهه ، ومثل علـى عيوبه ، ثم نهى عن الغيبة ، أي ال يقل بعضكم في بعض بظه
للغيـبة بمن يأكل لحم أخيه ميتا ، فال أحد يحب ذلك ال اآلكل وال المأكول منه ، لذا فاتقوا اهللا أي
خافوا عقابه بانتهائكم عما نهاكم عنه من ظن السوء والتجسس عما ستر واالغتياب وغير ذلك من
، ثم بين سبحانه )55(ه بهم بعد متابهم المناهـي ، فهـو الذي يقبل توبة التائبين ، ويتكرم برحمت
وحـدة األصـل للـناس جميعا فقد أنشأ خلقهم من ماء ذكر من الرجال ، وماء أنثى من النساء ،
وجعلـناكم بطونا وأفخادا ، ليعرف بعضكم بعضا في النسب ، فأكرمكم عند ربكم هم أشدكم اتقاء
.)56(له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه
:مقطع بمحور السورة عالقة الهـذا المقطع يتضمن المنهيات التي ال تتناسب مع أخالق المجتمع المسلم ، ولذلك يجب
النهي عن تـركها واالبتعاد عنها، لترتقي أخالقيات األمة المسلمة في المجتمع المسلم، لذلك جاء
نهي عن اللمز وهو ، و ، وبين العلة في هذا النهي ، والنساء من النساء سـخرية الرجال من الرجال
لتائبين من هذه وسجل الظلم على غير ا ، ونهي عن التنابز باأللقاب ذكـر عيوب الناس وإشاعتها
، ألن ذلك إثم وحرام، ونهي عن التجسس ، ونهي عن ظن السوء بأهل الخير األخـالق الجاهلـية
ة، ثم دعا إلى تقوى ، وهذا مدعاة إلى الكراهي بمن يأكل لحم أخيه ميتا ، وشبه من يفعل ذلك والغيبة
اهللا والـتوبة مـن هذه األخالق الذميمة البغيضة إلى اهللا تعالى ، ثم بين تعالى األصل الواحد لكل
البشـر ، فهـم جميعا من أب واحد وأم واحدة ، فال فضل ألحد على أحد إال بالتقوى والبعد عن
333
رض مع أخالق المجتمع اإلسالمي المنهيات ، وااللتزام باألخالق الفاضلة ، وترك غيرها مما يتعا
".التربية األخالقية لألمة اإلسالمية " ، وهكذا تكون
:ربط اآليات بالواقع إن واقـع المسلمين اليوم على مستوى األفراد والجماعات في أمس الحاجة لهذه اآلداب
أمر طبيعي واألخـالق ، ألنهم إال من رحم اهللا واقعون في هذه المنهيات ، يمارسونها على أنها
ومـألوف ، فالسخرية واالستهزاء واللمز والتنابز ، كل ذلك له رصيد في واقعنا اليوم ، وال يجد
الناس من يذكرهم باهللا تعالى ويشعرهم بخطئهم في مخالفة أوامر اهللا والقوع في حرمات المسلين
، وكذا ، أضـف لذلـك سـوء الظـن بدون تمييز بين صالح وطالح ، بين مؤمن ومنافق فاسق
التجسـس علـى عـيوب الناس والغيبة ، كل ذلك أصبح مرضا مزمنا يحتاج إلى عالج مكثف
ومتواصل وفاعل ، إضافة إلى التفاخر باألحساب واألنساب ، والتعالى بالغنى والثراء دون اعتبار
لمـيزان اهللا الـذي جعلـه مقياس التمايز والتفاضل بين الناس ، هذا هو حال أغلب المجتمعات
المعاصـرة ، تعانـي انحرافات أخالقية سلوكية تؤدي بالمجتمع إلى االنحطاط والتمزق والفرقة
والضـعف والهوان ، وال خالص من ذلك إال بالعود إلى كتاب اهللا لنأتمر بأمره ، وننتهي بنهيه ،
.ونتخلق بأخالقه لنرتقي بذلك إلى التربية األخالقية في ضوء هذه اآليات من سورة الحجرات
المقطع الخامس
"حقيقة اإليمان باهللا تعالى "
قالـت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم وإن تطيعوا "
ئا إنشي الكممأع نلتكم ملـا ي ـولهسرو اللـه حيمر غفور نوا بالله * اللهآم الذين ؤمنونا المإنم
ادقونالص مه لئكبيل الله أوفي س أنفسهمو الهمووا بأمداهجوا وتابري لم وله ثمسرو* ونلمقل أتع
يمنون عليك أن *ه يعلم ما في السماوات وما في الأرض والله بكل شيء عليم اللـه بديـنكم والل
ادقينص ان إن كنتمللإيم اكمده أن كمليع نمي ل اللهكم بلامإس لينوا عوا قل لا تمـلمأس* إن الله
لونما تعبم صيرب اللهض والأرات واومالس بغي لمعي"
:مناسبة اآليات لما قبلها
لمـا قـدم تعالى المأمورات والمنهيات التي تضمن للمجتمع أخالقا قيمة وآدابا حميدة ، ناسب أن
واإليمان الصادق الذي يقبله اهللا ألنه يبيـن أنه ال يعتد بشئ مما أمر ونهى عنه إال مع اإلخالص
.)57(العليم الخبير بما في الصدور
:سبب نزول اآليات
334
المدينة )(أنها نزلت في أعراب من بني أسد ابن خريمة قدموا على رسول اهللا : ذكر الواحدي
عذرات، ، ولم يكونوا مؤمنين في السر، وأفسدوا طرق المدينة بال ينفي سنة جدبة وأظهروا الشهادت
أتيناك باألثقال والعيال ، ولم نقاتلك كما : )(وأغلـوا أسـعارها ، وكانوا يقولون لرسول اهللا
.)58(، فأنزل اهللا فيهم هذه اآليات ، وجعلوا يمنون عليهقاتلك بنو فالن فأعطنا من الصدقة
:المعني العام لآليات
الوا أسلمنا ، وهذا على أن اإليمان هو ، فأكذبهم اهللا في قولهم ، وصدقهم لو ق قالـت بنو أسد آمنا
التصديق بالقلب ، واإلسالم هو االنقياد بالنطق بالشهادتين ، ثم وعدهم إن أطاعوا اهللا ورسوله ال
ينقصهم شيئا من أجور أعمالهم ، بمعنى إن رجعتم عما أنتم عليه من اإليمان بألسنتكم دون قلوبكم
.)59(نقصكم منها شيئا ، وعملتم أعماال صالحة فإن اهللا ال ي
أطلع اهللا نبيه على مكنون ضمائرهم ، وأنهم ال يؤمنون إيمانا حقيقيا ، وهو الذي : يقول المراغي
استسلمنا وخضعنا ، ثم أخبرهم بأنهم إن اتقوا اهللا : وافـق القلب فيه اللسان ، وأمرهم أن يقولوا
أن من عالمة اإليمان الكامل التضحية حـق تقاتـه وفاهم أجورهم كاملة غير منقوصة ، ثم بين
.)60(بالنفس والمال في سبيل اهللا ببذلهما في تقوية دعائم الدين وإعالء شأنه
ثـم أمـر اهللا نبيه بأن يسأل األعراب هل يريدون أن يخبروا اهللا بتصديق قلوبهم ؟ فاهللا ال يخفي
ال أكبر ، ومن ذلك علمه علـيه مـثقال ذرة فـي األرض وال في السماء ، وال أصغر من ذلك و
باإليمـان واإلخالص وغير ذلك ، ثم بين تعالى أن هؤالء األعراب يمنون على رسول اهللا عليه
وسـلم بدخولهم في اإلسالم ، رغم أن نفع ذلك يعود إليهم ، ونسوا أن المنة هللا بأن هداهم لإليمان
ميع الكائنات ، وبصره بجميع إن كـانوا صـادقين فـي ادعـائهم اإليمان ، ثم أكد اهللا علمه بج
.)61(المخلوقات ، فال يخفى عليه عملكم في سركم أو عالنيتكم
:عالقة المقطع بمحور السورة
هذا المقطع يثبت لنا أن التظاهر بأخالق المؤمنين ، وادعاء ذلك كذبا مدعاة إلى انكشاف
در اهللا وسنته التي ال تتخلف ، األمـر وافتضاحه أمام الخلق ، سواء أكان ذلك بوحي السماء أم بق
ومـع ذلك فباب التوبة مفتوح ، فالعود إلى اهللا بصدق في اإليمان وااللتزام واألخالق مدعاة إلى
عـدم نقصان األجور ، ثم بين تعالى أخالق المؤمنين الصادقين بأنهم آمنوا حقيقة ، ولم يتشككوا
صدقهم وإيمانهم ، فاهللا هو المطلع على فـي هـذا اإليمان ، ثم جاهدوا بالمال والنفس في سبيل
صدق الصادقين ، وكذب الكاذبين ، وليس من أخالق المؤمنين أن يمنوا بإسالمهم ، ألن المنة هللا
الهـادي لإليمـان الصادق ، الذي يريده اهللا للمؤمنين أن يتخلقوا به ، فهو الذي يعلم ما خفي وما
335
ك ، وهذا مدعاة ألن يرتبط المسلمون جميعا غـب ، وهـو بصير بكل األعمال ويكافئ على ذل
".التربية األخالقية لألمة اإلسالمية " بالصدق مع أخالق المجتمع اإلسالمي ، وبهذا تكون
هـذه التربـية التي ال تستغني أبدا عن توجيهات خاصة باإليمان الحقيقي الصادق ، لتصدر هذه
وغش ومراوغة ، إنها أخالق بنيت على تقوى التربية عن عقيدة إيمانية ، وليس عن كذب وخداع
أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من : " مـن اهللا ورضـوان ، قال تعالى
.)62( " ي القوم الظالمينأسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله ال يهد
وإنك : " بما كان عليه من خلق عظيم نابع من إيمان ويقين ، قال تعالى ) (وقد امتدح اهللا نبيه
.)63( " لعلى خلق عظيم
:ربط اآليات بالواقع دف إظهار مـا أكـثر المنافقيـن اليوم ، الذين انتسبوا لإلسالم تظاهرا وكذبا وخداعا به
صـالحهم وصدق أخالقهم ، وهم في الحقيقة والواقع أعداء هذا الدين بكل ما فيه من قيم ومبادئ
لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم : " وأخـالق ، إنهـم مرضى القلوب ، وصدق اهللا القائل
ملعونين أينما ثقفوا *ينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا مـرض والمـرجفون في المدينة لنغر
.)64( " سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا*أخذوا وقتلوا تقتيلا
، فإن حققوا مرادهم رجحوا البقاء مع المسلمين ، وإن لم يحققوا هـؤالء أصحاب مصالح ومنافع
ومن الناس من يعبد الله على حرف : " غايـتهم انقلبوا على أعقابهم خاسرين ، وصدق اهللا القائل
ه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو فـإن أصـابه خـير اطمـأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجه
بينالم انر65( " الخس(. إن التكلـيف هـو الـذي يكشف الزيف ويظهر الحقيقة ، فالجهاد بالمال والنفس في سبيل دين اهللا هو قمة
.الصدق ، وقمة التخلق بأخالق هذا الدين ، وذروة سنامة
على اهللا ورسوله والمؤمنين بإسالمهم إنما هو من باب ذر ومـا يفعله الضعفاء والمندسون بالمن
الـرماد فـي العيون ، والتغطية على حقيقة انتسابهم لإليمان المزعوم ، إنهم يظنون أن اهللا غافل
عـنهم ، ال يـراهم وال يعلـم ما تكنه صدورهم من غدر وعداء ، ومكر ودهاء ، قال تعالى من
.)66( " واههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقونيرضونكم بأف: " ... وصفهم
هـذه هـي حقـيقة أخالقهم التي ال يرضاها اهللا للمؤمنين الصادقين ، وإنما يرضى لعباده تربية
أخالقـية صـادقة تالمس قلبا مؤمنا صادقا مخلصا هللا تعالى ، وهكذا تكون التربية األخالقية في
.ت من سورة الحجراتضوء هذه اآليا
336
)الخاتمة (
الحمد هللا الذي أتم علينا نعمه ظاهرة وباطنة ، ومن تمام النعمة أن أعاننا على تمام هذا
:وذلك فيما يلي البحث بحوله وقوته ، ووفقنا للوقوف على خاتمته وثمرته ،
نسوخ ، ولها أسباب سـورة الحجرات سورة مدنية باإلجماع ، محكمة ال ناسخ فيها وال م :أوال
.نزول متعددة مرتبطة بآياتها
.ظهر لنا فضل السورة وسبب تسميتها ، ومناسبتها لما قبلها وما بعدها من السور :ثانيا
، " التربية األخالقية لألمة اإلسالمية " ظهـر لنا محور السورة وهدفها الرئيس ، وهو :ثالـثا
. إليها ، ونهت عن سواهاحيث جمعت السورة مكارم األخالق ، وأرشدت
أمكـن تقسيم السورة إلى خمسة مقاطع ، وعرفنا المناسبة بين هذه المقاطع من جهة ، :رابعـا
وكذلـك عالقـة كل مقطع بمحور السورة وهدفها الرئيس ، لتظهر لنا وحدة السورة الموضوعية
.واضحة جلية ، وكيف تسهم السورة في تربية األمة تربية أخالقية
ظهرت لنا أسباب نزول اآليات في كل مقطع من مقاطع السورة ، مما أعان على فهم : خامسـا
.المناسبة التي نزلت اآليات بسببها
ظهر لنا المعنى العام الذي تدور حوله آيات السورة من خالل مقاطعها مما أبرز جملة :سادسا
كما )(ب مع اهللا ورسوله األخـالق واآلداب التي دعت إليها السورة ، سواء أكان ذلك األد
بيـن ذلـك المقطع األول ، أم كان ذلك من خالل التثبيت من األخبار وطاعة القيادة كما بين ذلك
المقطع الثاني ، أم كان ذلك من خالل فض الخالف واإلصالح بين المؤمنين كما بين ذلك المقطع
ن ذلك المقطع الرابع ، أمكن ذلك من الثالث ، أم كان ذلك من خالل جملة اآلداب واألخالق كما بي
خـالل حقـيقة اإليمان باهللا تعالى كما بين ذلك المقطع الخامس ، وكل ذلك يصب وبشكل واضح
.وصريح في التربية األخالقية لألمة اإلسالمية
انكشف لنا من خالل ربط آيات المقاطع بالواقع المعاصر كيف أسهمت آيات السورة في :سابعا
ضـايا أخالقـية نهت عنها ، وكيف تسهم في بناء مجتمع أخالقي فاضل ، يتربى تربية عـالج ق
.أخالقية في ضوء اآليات من سورة الحجرات
حقـق هذا البحث مثاال تطبيقيا للون من ألوان نظرية التفسير الموضوعي ، وذلك من :ثامـنا
والحمد هللا رب العالمين ،،،. خالل سورة قرآنية
337
هرس المراجع والهوامشف
).4( سورة الحجرات ، اآلية ) 1( .م1978 -هـ 1398 – الطبعة الثانية – بيروت – دار الفكر – 105 ص- 15 ج- 9 م–محاسن التأويل ) 2( ).74( سورة البقرة ، اآلية ) 3( أحمد تحقيق– 300 ص– 16 ج– 8م– ألبي عبد اهللا محمد القرطبي -الجامع ألحكام القرآن ) 4(
. بدون طبعة وال تاريخ–عبد العليم البردوني ).13( سورة الحجرات ، اآلية ) 5( – 195 ص – 1 ج– لإلمام محمد بن عبد اهللا الزرآشي –البرهان في علوم القرآن : انظر ) 6(
– دار المعرفة للطباعة والنشر – م 1972 - هـ 1391 طبعة -تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم – محمد بن يعقوب الفيروز أبادي –بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز : انظر و. بيروت
. بيروت– المكتبة العلمية – تحقيق محمد علي النجار – 100 ص – 1ج .125،435 ص– 1 ج– للفيروز أبادي –بصائر ذوي التمييز ) 7( .105ص-15ج-9 م–محاسن التأويل ) 8( ).29( سورة الفتح ، اآلية ) 9( ص– 7 ج– لإلمام إبراهيم بن عمر البقاعي –نظم الدرر في تناسب اآليات والسور : انظر ) 10(
دار الكتب –م 1995 - هـ 1415 – الطبعة األولى –عبد الرزاق غالب المهدي : تحقيق . 222 ، 220 . بيروت–العلمية
–ياء التراث العربي دار إح– 119 ص– 26 ج– أحمد مصطفى المراغي –تفسير المراغي ) 11( . بدون طبعة وال تاريخ–بيروت
.244 ص– 7 ج– البقاعي –نظم الدرر في تناسب اآليات والسور : انظر ) 12( .242 ص– 7 ج– للبقاعي –نظم الدرر في تناسب اآليات والسور : انظر ) 13( ) .4( سورة القلم ، اآلية ) 14( تحقيق حسين بن إبراهيم – 629ص-4 ج–ثير الدمشقي لإلمام ابن آ–تفسير القرآن العظيم ) 15(
. بدون طبعة– بيروت – دار الكتب العلمية –زهران .300ص-16 ج– 8 م–الجامع ألحكام القرآن ) 16( هـ 1421 – الطبعة األولى –" بتصرف " 105 ص – علي بن محمد الجرجاني – التعريفات )17( . بيروت– دار الكتب العلمية –م 2000 - ) .5-1( سورة الحجرات ، اآليات ) 18( هـ 1402 – الطبعة األولى – 218 ص – لعلي بن أحمد الواحدي النيابوري –أسباب النزول ) 19( . بيروت- دار الكتب العلمية –م 1982 - .219 ص–نفس المرجع السابق ) 20( .219 ص–نفس المرجع السابق ) 21( .300 ص– 16ج– 8 م–لقرطبي ل–الجامع ألحكام القرآن : انظر ) 22( – محمد األمين بن محمد المختار الشنقيطي –أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن : انظر ) 23( .613 ص– 7ج - هـ 1412 – الطبعة السابعة عشر – 3338 ص – 6 ج– سيد قطب –في ظالل القرآن ) 24(
. القاهرة– دار الشروق –م 1992 .219 ص–احدي للو–أسباب النزول ) 25( .3340 ص– 6 ج– سيد قطب –في ظالل القرآن : انظر ) 26(
338
.616 ص– 7 ج– للشنقيطي –أضواء البيان ) 27( .315 ص– 4 ج– البن آثير –تفسير القرآن العظيم ) 28( ).66-65( سورة التوبة ، اآليتان ) 29( ) .8-6( سورة الحجرات ، اآليات ) 30( .226 ص– 7 ج–لبقاعي ل–نظم الدرر : انظر ) 31( لمحمد بن أبي بكر –مختار الصحاح : انظر . هو العامل الذي يجبي الصدقات: المصدق ) 32(
. بيروت– طبعة دار القلم – 359 ص–الرازي .222 ص– الواحدي –أسباب النزول ) 33( .3341 ص– 6 ج–في ظالل القرآن : انظر ) 34( .627 ص– 7 ج– للشنقيطي –آن بالقرآن أضواء البيان في إيضاح القر) 35( .323 ، 322 ص– 4 ج– البن آثير –تفسير القرآن العظيم : انظر ) 36( ) .10 ، 9( سورة الحجرات ، اآليتان ) 37( الطبعة – 237 ص – 26 ج – وهبه الزحيلي –التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج ) 38(
. بيروت– ودار الفكر المعاصر – دمشق – الفكر دار–م 1998 - هـ 1418 –األولى .223 ص – الواحدي –أسباب النزول ) 39( محمد بن علي – الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير –فتح القدير : انظر ) 40(
. بدون طبعة– دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع – 63 ص – 5 ج–الشوآاني - هـ 1395 – الطبعة الخامسة – 61 ج– 3 م– محمد محمود حجازي – التفسير الواضح) 41(
. مطبعة االستقالل الكبرى–م 1975 ) .13-11( سورة الحجرات ، اآليات ) 42( .232 ص– 7 ج– للبقاعي –نظم الدرر : انظر ) 43( .223 ص – للواحدي –أسباب النزول ) 44( .224 ص –نفس المرجع ) 45( –" أسباب النزول "– محمد حسن الحمصي وبهامشه – تفسير وبيان–ريم قرآن آ: أنظر ) 46(
. دمشق– دار الرشيد – 392 ص –للسيوطي .392 ص –نفس المرجع السابق ) 47( .224 ص – للواحدي –أسباب النزول ) 48( ج– 13 م– ألبي جعفر محمد بن جرير الطبري –جامع البيان في تأويل آية القرآن : انظر ) 49(
.م1988 - هـ 1408 طبعة – بيروت – دار الفكر – 130 ص – 26 .131 ص– 26 ج– 13 م–جامع البيان ) 50( – بيروت – دار إحياء التراث العربي – 132 ص – 27 ج– الفخر الرازي –التفسير الكبير ) 51(
.الطبعة الثالثة ج –مود األلوسي البغدادي مح–روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني : انظر ) 52(
. بدون طبعة وال تاريخ– بيروت – دار إحياء التراث العربي – 154 ص - 26 محمود بن عمر الزمخشري –الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون األقاويل في وجوه التأويل ) 53( . بدون طبعة وال تاريخ– بيروت – دار المعرفة للطباعة والنشر – 567 ص– 3 ج- بيروت – دار الفكر – 130 ص – 15 ج– 9 م– محمد جمال الدين القاسمي –حاسن التأويل م) 54( .م1978 - هـ 1398 – الطبعة الثانية – .135-130 ص – 15 ج– 9 م– نفس المرجع )55( .140-138 ص – 26 ج– 13 م–جامع البيان ) 56(
339
.237 ص– 7 ج– للبقاعي –نظم الدر : انظر ) 57( –" أسباب النزول " تفسير وبيان مع –قرآن آريم : ، وانظر 225 ص –ول أسباب النز) 58(
.393 ص–للسيوطي – 61،62 ص – 4 ج– محمد بن أحمد بن جزي الكلبي –التسهيل في علوم التنزيل : انظر ) 59(
.م1983 - هـ 1403 – الطبعة الرابعة – بيروت –دار الكتاب العربي .145 ص – 26 ج–تفسير المراغي ) 60( دار السالم للطباعة والنشر – 5422 ص – 7 ج– سعيد حوي –األساس في التفسير : انظر ) 61(
.م1985 - هـ 1405 – الطبعة األولى – القاهرة –والتوزيع ).104: ( سورة القلم ، اآلية ) 63( ). 109: ( سورة التوبة ، اآلية ) 62( ) .11( سورة الحج ، آية ) 65( ) . 62-60 (سورة األحزاب ، اآليات ) 64( ) .8( سورة التوبة ، آية ) 66(
340
).4( سورة الحجرات ، اآلية ) 1( -هـ 1398 – الطبعة الثانية – بيروت – دار الفكر – 105 ص- 15 ج- 9 م–محاسن التأويل ) 2(
.م1978 ).74( ة سورة البقرة ، اآلي) 3( تحقيق أحمد – 300 ص– 16 ج– 8م– ألبي عبد اهللا محمد القرطبي -الجامع ألحكام القرآن ) 4(
. بدون طبعة وال تاريخ–عبد العليم البردوني ).13( سورة الحجرات ، اآلية ) 5( – 195 ص – 1 ج– لإلمام محمد بن عبد اهللا الزرآشي –البرهان في علوم القرآن : انظر ) 6( – دار المعرفة للطباعة والنشر – م 1972 - هـ 1391 طبعة -قيق محمد أبو الفضل إبراهيمتح
– محمد بن يعقوب الفيروز أبادي –بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز : وانظر . بيروت . بيروت– المكتبة العلمية – تحقيق محمد علي النجار – 100 ص – 1ج .125،435 ص– 1 ج–لفيروز أبادي ل–بصائر ذوي التمييز ) 7( .105ص-15ج-9 م–محاسن التأويل ) 8( ).29( سورة الفتح ، اآلية ) 9( ص– 7 ج– لإلمام إبراهيم بن عمر البقاعي –نظم الدرر في تناسب اآليات والسور : انظر ) 10(
دار –م 1995 - هـ 1415 – الطبعة األولى –عبد الرزاق غالب المهدي : تحقيق . 222 ، 220 . بيروت–الكتب العلمية
– دار إحياء التراث العربي – 119 ص– 26 ج– أحمد مصطفى المراغي –تفسير المراغي ) 11( . بدون طبعة وال تاريخ–بيروت
.244 ص– 7 ج– البقاعي –نظم الدرر في تناسب اآليات والسور : انظر ) 12( .242 ص– 7 ج–قاعي للب–نظم الدرر في تناسب اآليات والسور : انظر ) 13( ) .4( سورة القلم ، اآلية ) 14( تحقيق حسين بن إبراهيم – 629ص-4 ج– لإلمام ابن آثير الدمشقي –تفسير القرآن العظيم ) 15(
. بدون طبعة– بيروت – دار الكتب العلمية –زهران .300ص-16 ج– 8 م–الجامع ألحكام القرآن ) 16( هـ 1421 – الطبعة األولى –" بتصرف " 105 ص –جرجاني علي بن محمد ال– التعريفات )17( . بيروت– دار الكتب العلمية –م 2000 -)18( )19( )20( )21( )22( )23( )24( )25( )26( )27( )28( )29( )30(
341
)31( )32( )33( )34( )35( )36( )37( )38( )39( )40( )41( )42( )43( )44( )45( )46( )47( )48( )49( )50( )51( )52( )53( )54( )55( )56( )57( )58( )59( )60( )61( )62( )63( )64( )65( )66(
